جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
محاضرة بعنوان قيام الليل
3801 مشاهدة
محاضرة بعنوان قيام الليل

الحمد لله الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء..
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أعطى فأكرم، وأجزل فأنعم، وأمات وأحيا، وأضحك وأبكى، له الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم. وأصلي وأسلم على المحبوب الذي هدى الله به القلوب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليما إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن القلب ليفرح، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يحب ربنا ويرضى؛ فالحمد لله على قدوم شيخ جليل، وإمام فقيه نفع الله به العباد، وعلم في أقطار البلاد، رفع الله درجته، وأحسن عمله، ورفع قدره؛ ألا وهو الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين العالم المعروف، والمعلم النصوح؛ ولولا مخافة الإطالة والإطراء؛ لأطلنا الكلام في شكره، حفظه الله وأطال عمره على طاعته.
قدم إلينا.. ليحدثنا عن قيام الليل؛ وهو قدوة في ذلك، نسأل الله أن يكتب خطواته في ميزان حسناته، وفي ميزان الحاضرين أجمعين، وفي ميزان السامعين، هو ولي ذلك والقادر عليه.
والآن أيها الإخوة.. أترككم مع الشيخ -حفظه الله-؛ ليحدثنا عن هذا الموضوع.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
نحمد الله ونشكره، ونثني عليه ونستغفره، ونسأله من فضله العظيم أن يوزعنا شكر النعم، وأن يدفع عنا النقم. ونصلي ونسلم على عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي علم الأمة وبين لهم ما ينفعهم، وبلغ ما أرسل به إليهم. ورضي الله عن صحابته الذين حملوا العلم، والذين بالغوا في حفظه وفي نقله إلى من بعدهم. وبعد:
أيها الإخوة: إنني كأحدكم لا أرى لي فضلا على أدناكم رجلا. أعترف -والحمد لله- بما فتح الله علي وعليكم من هذا العلم الذي هو علم كتاب الله، وعلم سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وبما ورثناه عن علمائنا الذين أخلصوا لنا النصيحة، وبينوا لنا وعلمونا؛ فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا؛ ومع ذلك فإني وإياكم -كلنا- بحاجة إلى أن نتعلم، وإلى أن نتزود من العلم النافع الذي تكون ثمرته العمل الصالح؛ فإن كل من اجتهد في العلم النافع أثمر ذلك في حقه؛ بحيث يظهر عليه أثر الأعمال؛ الأعمال الصالحة التي يحبها الله تعالى.
ولا شك أن من الأعمال الصالحة: الصلاة. هذه الصلاة التي أمر الله تعالى بها، ورغب فيها، وذكر ثوابها؛ هي من أفضل القربات، والأعمال الصالحة التي يتقرب بها العباد. جعل الله منها فريضة، وهي هذه الفرائض الخمس التي تتقربون بها إلى الله تعالى، وتؤدونها جماعة في هذه المساجد في كل يوم خمس مرات.
ثم إنه –سبحانه- رغب في النوافل؛ التي هي زيادة على هذه الفرائض. فرغب عباده في أن يتنفلوا له، وأن يصلوا له ما يستطيعون؛ وما ذاك إلا أن هذه الصلاة محبوبة عند الله تعالى، وكذلك محبوبة عند أولياء الله، وعند خيرة خلقه.